يبدو أن الكاميرا الخفية لرمضان هذه السنة، المسماة ” مشيتي فيها”، التي تقدمها القناة الثانية، هي أسوأ كاميرا خفية على الإطلاق، بل يمكن القول عنها باختصار شديد، إنها كاميرا مفضوحة ومفبركة، وأبطالها ممثلون لايجيدون حتى تمثيل أدوار الضحايا التي تسند إليهم، كما لاحظ ذلك رواد موقع التواصل الاجتماعي ” الفايسبوك”، مطالبين بإيقاف هذه المهزلة التلفزيونية.
ولعل أقرب مثال على ذلك، هو حلقة الأمس التي كانت ضيفتها المطربة المغربية فاطمة العروسي، التي جيء بها إلى مطار مدينة ابن سليمان، بدعوى تدريبها في طائرة صغيرة خاصة على قواعد الطيران وأبجدياته، تمهيدا لإسناد دور لها من طرف احد المخرجين، في دور قائدة الطائرة!
الفكرة من الأول تبدو غير مبنية على أي أساس أو حبكة يمكن أن يتقبلها المشاهد، لكونها لاتدخل في سياق فني معقول، يجعل الأحداث المترتبة عنها متناغمة ومنسجمة، خاصة وأن الشخص الذي تقمص دور المخرج، ليس بينه وبين الإخراج سوى الخير والإحسان، إذ لايكفي أن يحمل المرء كاميرا فوتوغرافية بين يديه لإقناع المتلقي بأنه من ممارسي الفن السابع.
كان هناك ارتباك واضح في تصوير حلقة ليلة أمس، في ظل غياب الشروط الفنية الحقيقية التي يقتضيها إنجاز الكاميرا الخفية، وفق القواعد المعمول بها، وبدا المشهد على شاشة القناة الثانية كأنه من إنتاج هواة يخوضون أول تجاربهم التلفزيونية.
تحلق الطائرة في الجو، ومع طيرانها تبدأ المشاكل التقنية ليبدأ الصراخ وسط الراكبين بنوع من الهستيريا المفتعلة، والسبب، حسب واضعي سيناريو ” الكاميرا الخفية”، هو أن ضيفة الحلقة فاطمة العروسي كانت قد لامست في البداية، عن طريق الخطأ، أحد أزرار قمرة القيادة!
أول ما يتبادر إلى الذهن في غمرة انغماس فاطمة الزهراء العروسي وسط هذا المشهد، هو المقلب الذي كان يحيكه رامز جلال، في العام الماضي لضحاياه ، من خلال البرنامج الذي قدمه تحت عنوان” رامز واكل الجو”، واتضح أنه هو الآخر مفبرك، قبل أن يحط رحاله هذا العام فوق المركز التجاري “توين سنتر” في الدار البيضاء، مدعيا “اللعب بالنار”، وليواصل هو الآخر الضحك على الذقون وجني الملايين على حساب المشاهدين.
تهبط طائرة فاطمة الزهراء العروسي إلى ارضية المطار، لتمسك بالميكروفون، وتزعم انها كانت ضحية المقلب، لكن اللعبة كانت واضحة، ويكفي الاطلاع على ردود فعل المشاهدين للتأكد من عدم اقتناعهم بالكاميرا الخفية، في شكلها الجديد” مشيتي فيها”، بعد أن كانت في الماضي تحمل إسم “جار ومجرور”، بمبلغ مالي وصل إلى 270 مليون سنتيم، حسب بعض المصادر.
أحد المتفرجين كتب التدوينة التالية على جدار الفايسبوك، معلقا على حلقة فاطمة الزهراء العروسي: “حلقة باينة وواضحة من السما مفروشة وضوح الشمس وكلها تمثيل فتمثيل ، علامات الخوف غير بارزة على وجه صاحبتنا ومرة ومرة كاتغلبها الضحكة..”
وسواء حملت الكاميرا الخفية في القناة الثانية إسم “جار ومجرور” أو مشيتي فيها”، فإن النتيجة واحدة، وهي تجسد البؤس التلفزيوني في أردأ صور السخافة والابتذال واستغفال نباهة المشاهدين وذكائهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق